حالة ارتباك سياسية غير مسبوقة.. البوليساريو تجدد رفضها المشاركة في العملية السياسية بسبب "المشروع الأمريكي" وتنظم مظاهرات في مخيمات تندوف
تعيش جبهة البوليساريو الانفصالية على وقع حالة ارتباك سياسية غير مسبوقة، بسبب التطورات الجارية على ملف الصحراء، في ظل تواصل المشاورات داخل مجلس الأمن الدولي حول مشروع القرار الأمريكي الذي يؤكد على طي ملف الصحراء بالتفاوض حصريا في إطار مقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو ما تعتبره الجبهة محاولة لتكريس الأمر الواقع وإنهاء مسار "تقرير المصير".
وتشهد مخيمات تندوف اليوم الاثنين مظاهرات وصفتها البوليساريو بـ"الحاشدة"، دعت إليها قيادة الجبهة، في خطوة غير معتادة، بدعوى أنها "تعبير عن رفض الشعب الصحراوي لمحاولات القفز على الشرعية الدولية"، بعد أن كانت تمنع سابقا أي احتجاجات أو مظاهرات داخل المخيمات.
وبالموازاة مع ذلك، أصدرت جبهة البوليساريو الانفصالية بيانا جديدا اليوم، أعادت فيه تأكيد رفضها المشاركة في أي عملية سياسية تستند إلى مشروع القرار الأمريكي حول بعثة الأمم المتحدة "المينورسو" معتبرة أن واشنطن تسعى من خلاله إلى فرض مقاربة "تستبق نتائج المفاوضات وتقيد حق تقرير المصير".
وقالت الجبهة في بيانها إنها "تتابع عن كثب المشاورات الجارية بشأن مشروع القرار الذي عممته البعثة الدائمة للولايات المتحدة الأمريكية في 22 أكتوبر 2025 على أعضاء مجلس الأمن بصفتها حاملة القلم بشأن بعثة المينورسو"، مشددة على أنها "ترفض بشكل قاطع أي مقاربة تضع إطارا مسبقا للمفاوضات أو تفرض حلاً ضد إرادة الشعب الصحراوي".
كما ذكّرت الجبهة بأنها قدمت للأمين العام للأمم المتحدة مقترحا موسعا في 20 أكتوبر 2025 "استجابةً لقرارات مجلس الأمن"، وأكدت أنها "تظل مستعدة للدخول في مفاوضات مباشرة مع الطرف الآخر إذا توفرت لديه إرادة سياسية حقيقية للانخراط بنفس الروح".
وجاء بيان الجبهة بعد أيام من الرسالة التي وجهتها في 23 أكتوبر إلى رئيس مجلس الأمن وسفير روسيا الدائم فاسيلي نيبينزيا، والتي عبّرت فيها عن "رفضها القاطع للمسودة الأمريكية التي اعتبرتها انحرافا خطيرا عن مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".
ويشير مشروع القرار الأمريكي الذي تتم مناقشته حاليا في مجلس الأمن إلى تمديد ولاية بعثة "المينورسو" إلى غاية 31 يناير 2026، مع التأكيد على أن مقترح الحكم الذاتي المغربي هو "الإطار الوحيد الواقعي والجاد لحل النزاع"، وهي الصيغة التي ترفضها البوليساريو والجزائر بشدة.
وتشير المظاهرات التي سمحت البوليساريو بتنظيمها اليوم الاثنين في مخيمات تندوف، حالة التخبط والارتباك الشديدة التي تعيشها، في ظل التطورات التي تشير إلى أن مجلس الأمن قد يتجه إلى التصويت لصالح مشروع القرار الأمريكي، الذي – في حالة التصويت عليه – سيضع حدا لمطلب الانفصال الذي تتبناه البوليساريو.
جدير بالذكر أن مسؤولا في وزارة الخارجية الأمريكية، قال في تصريح رسمي لـ"الصحيفة إنجليزية"، إن بلاده تؤكد اعترافها بسيادة المملكة المغربية على الصحراء، معتبرة أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب تظل الإطار الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم لهذا النزاع الإقليمي.
وأوضح المسؤول الأمريكي الذي فضل عدم ذكر رسمه، بأن وزير الخارجية ماركو روبيو يجدد التأكيد على أن الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء، وتدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد وذي المصداقية والواقعي باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع.
وأضاف المصدر ذاته أن وزير الخارجية الأمريكي يجدد التأكيد على دعوة الرئيس ترامب للأطراف المعنية إلى الانخراط في مفاوضات دون تأخير، باستخدام مقترح الحكم الذاتي المغربي كالإطار الوحيد للتوصل إلى حل مقبول من الجانبين، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة ستسهم في تسهيل التقدم نحو هذا الهدف".
وبخصوص بعثة الأمم المتحدة في الصحراء "المينورسو"، قال المسؤول الأمريكي إن بلاده "تقوم بتقييم مستمر لكيفية مساهمة بعثة المينورسو في تحقيق أولويات أمريكا أولا"، مضيفا أن "الرئيس ترامب أوضح أن على جميع الأطراف أن تنخرط في مناقشات دون تأخير، باستخدام مقترح الحكم الذاتي المغربي كأساس وحيد لحل عادل ودائم للنزاع".




